صبي عراقي يفقد ذراعيه وأبويه وأخاه وسبعة من أقاربه
لم يكن علي اسماعيل عباس
الصبي العراقي الذي يبلغ من العمر 12 عاما، يسكن في مصنع لاسلحة الدمار
الشامل، التي رفعت الحرب الاميركية على العراق،
شعار استئصالها، وانما كان يقيم في كوخ صغير وسط بغداد، عندما فاجأه
ليلا وهو يغط في نوم عميق، احد الصواريخ التي تطلق عليها واشنطن «الصواريخ
الذكية» لقدرتها على اصابة اهدافها بدقة، ليخطف على الفور، ذراعيه،
ووالديه وأخاه وسبعة من اقاربه ويحول حياته الى كابوس لا يعرف كيف ومتى
يفيق منه.
قال هذا الصبي الملتاع في مستشفى الكندي ببغداد «كان الوقت منتصف الليل
عندما سقط الصاروخ علينا توفي والدي ووالدتي واخي وكانت والدتي حاملا
في شهرها الخامس».
وقال امس الاحد لمراسل وكالة «رويترز» «أخرجني
الجيران وجاءوا بي الى هنا كنت مغشيا علي».
والى جانب مأساة فقد والديه فانه سيعيش طوال حياته معاقا وعندما فكر في
مستقبله تساءل في خجل عما اذا كان بامكانه الحصول على ذراعين صناعيتين.
وتساءل عباس قائلا والدموع تتحدر على خديه
«هل يمكنكم ان تساعدوني على استعادة ذراعي هل تعتقدون ان الاطباء
بامكانهم الحصول على ذراعين اخرين اذا لم أحصل على ذراعين سأموت».
كما قتلت عمته وثلاثة من اولاد عمته وثلاثة
اقارب اخرين كانوا يقيمون معهم في المنزل في الهجوم الصاروخي الذي طال
منزلهم هذا الاسبوع في منطقة جسر ديالا الى الشرق من بغداد. واضاف عباس
«لم نكن نريد حربا كنت خائفا من هذه الحرب .. كان منزلنا مجرد كوخ فقير
.. لماذا يريدون قصفنا». فقد عباس براءة الطفولة وأصبح المستقبل امامه
كئيبا بسبب الكارثة والاعاقة التي يعاني منها وبكى بكاء حارا وهو يرقد
على الفراش الذي احاط فيه قفص خشبي متهالك بصدره النحيل حتى لا تلتصق
الحروق التي تكسو جسده بالاغطية.
وتابع «كنت أريد ان أصبح ضابط جيش عندما
أكبر ولكن لم تعد هذه رغبتي الان، الان اريد ان أصبح طبيبا ولكن كيف
يمكنني هذا ليس لدي ذراعان».
ترعى هذا الصبي عمته جميلة عباس «53 عاما»
وتطعمه وتساعده على الاغتسال وتهديء من روعه بالدعاء وبتأكيدها له
دائما ان والديه في الجنة الان.
تمثل معاناة عباس لمحة خاطفة من اشكال
الترويع اليومية التي تواجه المدنيين العراقيين في الحرب المدمرة التي
تقودها الولايات المتحدة ضد العراق.
وفي مستشفى الكندي أصبح العاملون يعانون من
الضغط الهائل نتيجة هذا الارتفاع الحاد في الضحايا منذ تحرك القوات
البرية الاميركية شمالا الى بغداد وتكثيف الهجمات الجوية.
وكانت سيارة الاسعاف تلو الاخرى تهرع الى
المستشفى حاملة الجرحى من كل انحاء العاصمة، كانت تنقل الكثير والكثير
من الجرحى وأصبح الكثير منهم ينقل على ملاءات الاسرة بعد ان نفدت كل
المحفات .. ويحاول الاطباء جاهدين العثور لهم على اسرة.
وكانت أصوات صراخ الجرحى وبكاء الاباء
تتردد اصداؤها في كل انحاء هذا القسم من المستشفى.
ومع عدم تمكن الكثير من العاملين من الوصول
الى المستشفى نتيجة القصف يقوم الاطباء على مدار اليوم باجراء الجراحات
ونقل الدم وحقن المرضى ونقل المصابين.
وقال الطبيب اسامة صالح الدليمي وهو جراح
عظام ومساعد مدير المستشفى انهم مثقلون بالعمل ويعانون من نقص في
المخدر والادوية المسكنة بل والعاملين أيضا.
وقال الطبيب صادق المختار «هذه الحرب اكثر
تدميرا من كل الحروب السابقة في المعارك السابقة كانت الاسلحة تسبب
الاعاقة ليس اكثر .. ولكن هذه المرة هي اشد فتكا بكثير».
وأضاف «قبل الحرب لم اكن اعتبر أميركا عدوا
لي .. ولكني الان اعتبرها كذلك، هناك جيش وهناك مدنيون ولابد ان تكون
الحرب ضد الجيش الا ان اميركا تقتل المدنيين». رويترز