Syria News

تحديد المفاهيم والأولويات في برنامج الإصلاح الاقتصادي
Syria
Syrian Cities
  - Damascus
 
- Aleppo
 
- Homs
 
- Hama
 
- Latakia
  -
Tartus
  -
more ...
Syrian Hotels

Syria News
Homs News

Maps
Photo Gallery

Satellite Images
Babies Photos

Free Email
Daleel Homs

Links
Add Link

About us
Contact us
albaath.com: 17/08/2002
د. سمير الشيخ علي‏

يعيش العالم اكبر موجة تحول اقتصادي واجتماعي منذ قيام الثورة الصناعية، تتمثل بالانتقاد الى الاقتصاد الجديد واعمدته الاساسية الثلاثة.. الاعلام والاتصال والمعلوماتية، وبالنسبة لبلد مثل سورية تتمثل تحديات هذه المرحلة، بإنجاز قفزة نوعية للانتقال لعصرين مختلفين في مرحلة واحدة، الانتقال الى مجتمع الحداثة الصناعي واقتصاد السوق والتأسيس لبنية تحتية للاقتصاد الجديد او صناعة المعرفة. من هنا تبدو الصعوبة في صياغة برنامج عمل وطني شامل ومتكامل يتجاوز حدود الاصلاح الاقتصادي وإن كان يمر من خلاله، وتكتسب قضية الحوار في هذا البرنامج الوطني اهمية خاصة، بعد مرور عامين ونيف على تجربة الاصلاح والتحديث من ولاية الرئيس بشار الأسد، وخطاب اداء القسم الذي ارسى الاسس الفكرية العامة للبيئة الجديدة.‏

من هنا فإن الابعاد الاجتماعية والثقافية، لاسيما نظام التعليم والاعلام والمعلوماتية اضافة لاحداث تغيير في انماط السلوك الاجتماعي نحو العمل الجماعي داخل المؤسسات والمنظمات الادارية، واعادة النظر بأهمية الاستثمار في المجال البشري وفي البحث العلمي لابد ان تقفز الى مرتبة متقدمة في سلم اولويات برنامج التحديث، وبداية لابد من الاتفاق اولاً على دلالات المفاهيم والمصطلحات العلمية المستخدمة في الخطاب الفكري ومشروع الاصلاح، وتستدعي الحاجة الآن اكثر من اي وقت مضى ان يعمل الجميع، لاسيما الطاقم الحكومي بروح ورشة العمل الوطنية الواحدة.‏

ونود ان نلفت عناية صناع القرار الاقتصادي الى اهمية بناء ميكانيزم اقتصادي جديد، يحدد هوية التجربة السورية في التحديث، ويرسم سياسات ادارية جديدة للقطاع العام الصناعي والخدمي، ويحدد الادوار والوظائف التكاملية بينه وبين قطاع الاعمال الخاص.. وربما استدعت الحاجة ان يتم الفصل بين مفهوم القطاع العام ومفهوم الدولة (كأجهزة وسلطات) وفض حالة التشابك بين ادوار ووظائف اجهزة الدولة، ورفع الوصاية عن القطاع العام، باعتباره قطاعاً اقتصادياً مستقلاً ومنتجاً للدخل القومي، ويحتاج لحرية في العمل وفق اسس عقلانية وآليات السوق.. ونتساءل عن اسباب تقسيم البرنامج الى ميادين اساسية واخرى تكميلية، والاجدى ان يتم تقسيم البرنامج الى قطاعات اقتصادية واخرى خدمية، وبالتالي نقل قطاعات الزراعة والري والطاقة والنقل والمواصلات والاتصالات والكهرباء والخزن والتبريد الى الميادين الاساسية باعتبارها جوانب اقتصادية او خدمات انتاج.‏

من ناحية اخرى، إن استبعاد او إغفال موضوع مكافحة الفساد في الاصلاح الاداري مسألة ملفتة للانتباه، وبدون مواربة فإن النجاح في القضاء على الفساد الاداري هو الخطوة الاولى لنجاح اصلاح الادارة والقطاع العام الصناعي والخدمي، وتهيئة بيئة صحية للاستثمار والعمل الاقتصادي، وقد تكون اخبار الانهيارات الكبرى في الاقتصاد الامريكي وفضائح الشركات الكبرى (أنرون) و(ورلدكوم) وتراجع الثقة بالاقتصاد الامريكي بمثابة انذار عالمي لخطر الفساد على البلدان الصناعية والنامية، على الشركات والحكومات، ويمثل هذا الخطر التحدي الاكبر الآن امام برنامج الاصلاح والتحديث، إذ من غير المقبول مطلقاً ان يرتهن مستقبل أمة وشعب بمصالح قلة من الافراد لايتجاوز مستوى تعليمهم الثانوية العامة ونسبتهم اقل من 1% من العاملين في الدولة.‏

ويجب ان ترتفع الاصوات عالياً لمطالبة الحكومة بذلك، حتى لاتصبح هذه المسألة ورقة ضغط خارجية في المستقبل، وتفقد سورية القدرة على الاستقلالية في القرار الاقتصادي والسياسي. لم يتساءل احد عن اسباب انخفاض معدلات الاستثمار في سورية، وهجرتها الى الخارج، حيث احتلت الاستثمارات السورية المرتبة الثانية بعد السعودية في تصدير الاستثمار في الوطن العربي لهذا العام، بالرغم من التعديلات المتكررة لقانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 ومنح تسهيلات هائلة، لكن المعوقات الادارية، وشبكات الفساد ربما تفسر الى حد كبير اسباب هجرة الاستثمارات السورية والادمغة والكوادر.‏

وربما استدعت الحاجة ايضاً (لإحداث لجان متابعة الاستثمارات) بمشاركة من الوزارات وممثلي قطاع الاعمال، وباختصاصات مختلفة لمتابعة تنفيذ المشاريع، والقضاء على الاستثمار الوهمي، وتهيئة بيئة مؤسسية صحية لنمو قطاع اعمال عصري جديد، يشارك في المسؤولية بدلاً من قطاع يمارس لعبة (اضرب واهرب) كما عبر د. غسان الرفاعي وزير الاقتصاد.‏

في مجال التجارة الخارجية: تشكل التجارة قاطرة النمو، وقد يكون مجدياً صياغة استراتيجية وطنية لتنمية الصادرات، لاسيما وان المزارعين والصناعيين، يتعرضون لابتزاز التجار الوسطاء، وتتعرض منتجاتهم للتلف ومنشآتهم الى الاغلاق، وقد يكون انشاء (بنك وطني لتمويل وترويج الصادرات) خطوة ضرورية في هذا الطريق، اضافة لضرورة التأمين على المحاصيل الزراعية والانتاج الصناعي ضد الكساد والحريق والتلف او الازمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية.‏

­ القطاع الصناعي: ثمة اتفاق بين الباحثين السوريين، انه بدون اصلاح القطاع الصناعي العام، فإن مشروع التحديث سيبقى يدور في حلقات مفرغة.‏

يواجه هذا القطاع تحديات داخلية وخارجية كبيرة.. لقد خضع القطاع العام في السابق الى سياسات ادارية، لاتعنى بمسألة الربح او الخسارة او التصدير والجودة، وخضعت منشآته لمركزية صارمة، وفوضى ادارية، في التشغيل والتوظيف والادارة، وتعدد الجهات الوصائية، وظل قطاع اعالة شبه خاسر، والاداء الجيد لأي فرد او منشأة فيه مساوي للاداء الرديء في الاجور، وقد بينت تجارب القرن العشرين فشل الادارة الاشتراكية في التصنيع المدني، في حين نجحت الادارة الليبرالية للقطاع العام الصناعي، في بلدان أوروبا الغربية والنمور الآسيوية، وادركت الصين منذ ربع قرن، اهمية الاصلاح الاداري والتحول من المركزية الى اللامركزية في التوظيف والمالية والمحاسبة والتسويق والارباح، وفقاً لآليات السوق، مع احتفاظ الدولة بالحقوق الاسمية للأصول الثابتة. لكن هل تنجح وزارة الصناعة في اصلاح هذا القطاع بدون صلاحيات استثنائية لتحرير هذا القطاع والتحول نحو سياسات ادارية جديدة؟ لقد طرح البرنامج فكرة التكامل الرأسي بين فروع الصناعة الحكومية، وهي قلما لفتت الانتباه.‏

واود الوقوف عند هذه الفكرة، ربما كان المشروع طموحاً اكثر مما هو ممكن، لكن طرح فكرة التكامل الرأسي بين الصناعات المشروع طموحاً اكثر مما هو ممكن، لكن طرح فكرة التكامل الرأسي بين الصناعات الافقية في القطاع العام والصناعة الرأسية في القطاع الخاص قد تكون اكثر جدوى وقابلية للنجاح، والدمج العضوي او التكامل بين القطاعين العام والخاص. لقد نجح القطاع العام في الصناعة الاستخراجية للمواد الاولية المعدنية والفوسفات والنفط والغاز، وهذه مدخلات هامة ورخيصة للقطاع الخاص، اذا ما اضفنا نجاح قطاع الحلج والغزل ومعالجة وغسيل الفوسفات، والكهرباء والصهر والتعدين... الخ فإن اعطاء ميزة تنافسية للقطاع الخاص في السوق الخارجية من خلال تحقيق التكامل الرأسي مع القطاع العام، وجعل مدخلات القطاع الخاص الصناعي رخيصة وجيدة، تجعل من قطاع الاعمال الخاص قطاعاً أكثر دينامية ومرونة في التصنيع والتسويق والاستثمار الجدي لاسيما في الصناعات الثقيلة التي تتطلب كثافة في قوة العمل ورأس المال.‏

ودعونا نتساءل، لماذا لم يطرح احد منذ نصف قرن من عمر القطاع العام ضرورة التصنيع الثقيل وبناء الآلات وصناعة السيارات والمركبات والسفن... الخ الى متى تظل سورية سوقاً لمختلف معامل السيارات في العالم؟ وماذا ينقصها لبناء صناعة سيارات متطورة، وكيف يمكن معالجة البطالة، والتحول الى اقتصاد صناعي تصديري، وزيادة معدل النمو للناتج المحلي وتأمين مصادر دخل للموازنة العامة بدون صناعة ثقيلة عصرية؟ اضافة للاستثمار المبكر في الكمبيوتر والبرمجيات، والاعلام والصناعات الثقافية، هذه امانة تجاه الاجيال الشابة القادمة. وكيف يمكن الحديث عن التصنيع والتحديث في ظل نظام تعليمي مخترق وتقليدي، والانفاق الشحيح والمتدني على البحث العلمي؟ هل يعقل ان الانفاق على بند الضيافة والولائم مفتوح وعلى البحث العلمي 0.4% فقط من محمل الانفاق على الناتج المحلي؟ وكيف يمكن الغاء التبعية التكنولوجية بدون جامعات عصرية ومراكز بحث علمي تخصصية، تقوم بتخريج الباحثين والعلماء الذين سيرسمون معالم الانتقال لتصنيع تكنولوجيا وطنية بديلة؟ نأمل ان تستدعي هذه التساؤلات الاهتمام، وان تؤخذ بعين الاعتبار هذه الملاحظات في الحوار الوطني المفتوح.‏

د. سمير الشيخ علي‏

Copyright Homsonline.com

[email protected]

Last Update 2003/01/06